يُعتبر الحديث في قضايا العلم الطبيعي والإيمان الديني من أكثر مسائل السجال إثارةً في الساحة المعرفية العالمية؛ وذلك بسبب خصومة الأسفار المقدسة للكنيسة مع أنصار المذاهب الإلحادية واللادينية في الغرب منذ القرن التاسع عشر. وقد ألقت تلك الخصومة ظلالها القاتمة على الجو الثقافي العربي منذ النصف الأول من القرن العشرين، ويتجدّد اليوم في العالم العربي إحياء هذه الخصومة مع صعود ما يُعرف بالإلحاد الجديد الذي يتّخذ العلم الطبيعي عنوانًا لدعوته إلى إقصاء الدين عن دائرة الوعي البشري. كما يهتم اليوم دعاة النصرانيّة في العالمين العربي والغربي بالطعن في ربّانيّة القرآن، في الكتب المطبوعة والمرئيات المبثوثة على الشبكة العنكبوتية، باستدعاء معارضات كشوف العلم -بزعمهم- لمُحكمات القرآن، كما عرضوا مادة دعوية واسعة لنفي خصومة الكتاب المقدس مع العلم، وإثبات الإعجاز العلمي للكتاب المقدس، خاصة باللغة الإنجليزية. ونحن في هذا الكتاب نناقش الدعاوى السابقة في باب علاقة القرآن والكتاب المقدس بحقائق العلم، بتتبع نصوص الكتابين في لغاتها الأصلية؛ ليستبين القارئ أيّ الكتابين أولى بالعصمة، والربانيّة، متجانفين عن التكلّف والعبارات الإنشائية الفارغة من الدلالة، ملتزمين أمانة البحث الصريح في النصوص، لغة، ودلالة، ومجدّدين النظر في هذا الموضع بتوسع لم يُطرق في المكتبة الإسلامية منذ كتاب موريس بوكاي في السبعينات من القرن العشرين.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.