لم أزل -أعزَّك الله – أخبِّر من جالست بعجمة هذا الزمان، وبُعدِ أهله من الفصاحة، وأزعم فيما أزعم أن الفصحى التي يكتبون بها أقرب إلى لغات الإفرنج منها إلى لغة القرآن، فما يسمع مقالتي منهم أحدٌ حتى يرميني بطرفه ويُنْغِضَ رأسه كأنما نلته بسوء، فمنهم من ينكر أن في عربية الزمان عجمةً ويجعلها ولغة الأوائل سواء، ومنهم من يرى العجمة فيها يسيرة هينة، ويحملني على المبالغة والتزيُّد.فكنتُ -لما لقيتُ ما لقيتُ- أراود النفس مليًّا على كتابةِ شيء في ذلك، وبيان هذه البلوى بيانًا شافيًا، وما يصرفني عن ذلك إلا كثرة الشواغل، وما أعلمه عن نفسي من غلبة الجهل وكثرة الخطأ وضعف الحجة، غير أني سُمت نفسي مشقَّةَ معالجة هذه المسألة وغالبت شواغلي إذ لم أجد في ذلك تأليفًا شافيًا أحيل عليه وأقنع بالرد إليه.

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “العرنجية”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *