تحاجج صبا محمود في هذه الدراسة أنّ السياسات العلمانيّة نفسها أنتجت بشكل كبير التفاوت الدينيّ في الدّول القوميّة الحديثة. وتأخذ مصر حالة لدراستها، مع اعتبار للسياق الجيوسياسيّ والعالميّ الذي تحلّل فيه. وتدرس حالتيْ الأقباط بصورة كبيرة والبهائيين بصورة أقلّ نظرًا لكونهم لا يتعدّون نسبة ١% من التعداد السّكانيّ. وتوضّح كيف أنّ مفاهيم مثل “حقوق الأقليّة” و”الحرية الدينيّة” كانت دائمًا محلّ نزاع وجدال في السياقات القوميّة والعالميّة على حدّ سواء. وتجادل بفهم طريف أنّ العلمانيّة السياسيّة ليست هي مبدأ حياديّة الدّولة، وإنّما هي إعادة تنظيم الدّولة للحياة الدينيّة على عكس ما يُشاع عنها. ومن ثمّ، تَنظر كيف تحوّل السياسات العلمانيّة الدينَ، وكيف يتواشج الدينيّ والعلمانيّ معًا بموجب الدّولة الحديثة، وهذا يتجلَّى في نقاشها حول قوانين الأسرة الإسلاميّة والقبطيّة وفي دراسة حالة البهائيين وقرارات المحاكم المصريّة بشأنهم ومقارنتها بقرارات المحكمة الأوروبيّة لحقوق الإنسان لتظهر أنّ ثمّة جينالوجيا عالميّة تتقاسمها السياسات العلمانيّة، وأيضًا في تبصّراتها حول النّقاش القبطيّ بشأن مكانتهم في الدّولة القوميّة الحديثة التي هي مصر. وفي الأخير، تتطرّق إلى العلمانيّة وعلاقتها برؤية التاريخ والوحي، وذلك من خلال قراءة نقديّة لرواية عزازيل ليوسف زيدان والجدالات حولها، مموضعةً إيّاها في سياق القراءة الأنواريّة للدين منذ القرن الثامن عشر.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.