لأن البحث في المصطلح بحثاً في صُلب العلم؛ إذ إن البحث في منهج دراسة المصطلح بحثٌ في أحد أدق جوانب العلم؛ أي في منهج دراسة المفاهيم المشكِّلة لبنية العلم. من هنا تبدو إثارة «سؤال المصطلح في العلوم الإسلامية» من أهم سؤالات البحث العلمي اليوم وأصعبها. ومما يزيدها صعوبة جِدة هذا النحو من البحث، وغيابُ تأطيرٍ نظري سابق له في التراث العلمي الإسلامي. فقد وضع العلماء منذ المراحل الأولى لنشأة العلوم الإسلامية؛ وما دار في فلكها من علوم؛ أسس النظر المصطلحي للعلوم التي اشتغلوا بها، وكانت لهم في ذلك أنظار متميزة؛ إلا أن تلكم الأسس والأنظار، لم تُصغ صياغة نظرية متكاملة، ولم توضع في نسق معرفي يمكّن من التعرف على معالمها بشكل دقيق وشامل. وخلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، صار الاهتمام بالمنهج في التراث العلمي الإسلامي، مثار اهتمام عدد من المفكرين، حيث كشفوا ملامح هذا المنهج وآلياته في العديد من أفرع العلوم الإسلامية، خاصة منها علم أصول الفقه وعلم الكلام؛ بما يدلل على النظر المنهجي المتأصل في هذه العلوم، لكن اهتمامهم ذاك انصب أساسًا، وغالبًا، على ما له تعلق بمناهج الاستدلال، بينما ظل الكشف عن مناهج الدرس المصطلحي في تلك العلوم وغيرها متواريًا، إلى أن ظهرت مؤخرًا دراسات أبرزت حجم الدرس المصطلحي في التراث العلمي الإسلامي، وأهمية المصطلح في فهم نصوص هذا التراث، والمنهج (أو المناهج) الكفيلة بدراسة ذلكم المصطلح، وتم تطبيق ذلك المنهج على مصطلحات بعض العلوم، من بينها العلوم الشرعية، ثم مصطلحات النصوص المؤسسة لتلك العلوم.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.