سلّط هذا البحث الضوء على العوامل والعوارض الطارئة التي تؤثّر في النّاقد بحكم طبيعته البشريّة. وقد اتّبع الباحثُ في دراسته منهجَي الاستقراء والتحليل اللذين يقف من خلالهما على العارض النّفسيّ ويحلّله تحليلا متأنّيا،ً مستأنساً في ذلك بكلام أهل العلم وما يُلهمه الله للباحث من البصيرة والفهم. وهذه العوامل منها ما هو شخصيّ، يرتبط بشخص النّاقد وانفعالاته تُجاه غيره، ككلام الأقران والغضب والمحاباة والتحامل والتعصّب والمبالغة. ومنها ما هو موضوعيّ، سببُه اختلاف الأفهام وتنوّع الأنظار في عدد من المسائل العلميّة التي وقع فيها الخلاف، وما يتبع ذلك من أثر في نفس النّاقد قد ينطبع في حكمه على بعض الرّواة. ثمّ تناول الباحثُ منهج المحدّثين في التعامل مع الرّواة الذين اتّهموا بنوعٍ من البدعة، وما اتّسم به منهج المحدّثين في التعامل مع مخالفيهم بالموضوعية والنّزاهة العلميّة. وعرّج الباحثُ خلالَ دراسته على أهمّيّة الورع وضرورة اشتراطه في النّاقد الذي يتصدّى للحكم على الرّواة، بالإضافة إلى خبرة النّاقد وضبطه، وعلمه بأسباب اختلاف المذاهب وأثر ذلك في الحكم على الرّواة. وقد أثبتت الدّراسةُ انضباط مناهج المحدّثين واتّحادهم فيها، وأنّ أحكامهم بشكل عام لم تتأثّر باختلاف أمزجتهم وبيئاتهم. وخَتَمَ الباحثُ دراسته بذكر المنطلقات التي نصّ عليها الأئمّة النّقّاد في تعاملهم مع العوامل النّفسيّة، وما لهذه المنطلقات من أهميّة في تشكيل عقليّة المتعامل مع هذا التراث العلميّ.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.